السبت، 26 مايو 2012

تجربة تنظيم مؤتمر 2

لنكمل معكم الحلقة الثانية ....

وصل عدد المسجلين قبل المؤتمر بأربعة أيام .......1101......
كان العدد جداً مبهر، كنت سعيداً به، لأخبر به مدير المؤتمر على أنا قادرين بكسر الرقم الذي يحلم به، وليس هذا فقط، فمن المحتمل أن يأتي مسجلين جدد في يوم الافتتاح ما لا يقل عن 400 مسجل جديد كعادة المؤتمرات.

في يوم الجمعة الأخير، كان هذا هو آخر اجتماع لنا قبل المؤتمر الذي ستفتح أبوابة يوم الأثنين، بدأنا بمراجعة كل شيء، وأخبرت المدير بعدد المسجلين حاليناً، فانبهر به، وازداد سعادة، هنا اطمأنيت على حالي، فمهمتي أنجزت على أكمل وجه، وزميلي أيضاً أنجز مهمته المستحيلة بجمع مليون تقريباً في أقل من ثلاثة أشهر، فلم يتبق أمامنا سوى يوم الحفل.

طبعاً يوم السبت، كان من الأيام المرهقة، حيث من الساعة التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً..دون توقف أو أخذ استراحة، فلم يبق إلا القليل، فاستعنا بشخصين لمساعدتنا في تجهيز الباجات ( أقصد بالباجه هي إلي تتعلق زي السلسال فيها اسمه ورقمه) وطباعة الشهادات التي أهلكت بأعدادها الطابعة، وإداخل أسماء المسجلين وعشرات الأشياء التي نقوم بتجهيزها قبل المؤتمر.

أما يوم الأحد، هو يوم سيخلد في تاريخي البسيط! حيث تم إجهادي بشكل كامل، من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة الثالثة فجر يوم الافتتاح، كنت سأنهار عقلياً وفكرياً وجسدياً..عيناي تفجرتا، لم أنم جيداُ طوال الفترة الماضية، وما يزيدني تعباً هو أن أتواجد بالمركز الملك فهد الثقافي الساعة الخامسة.. بمعنى أنه لا يوجد سوى ساعتين فقط لأنام..
 وهذا لم أفعله أبداً في حياتي، ( بالنسبة لي النوم شي مقدس، أخصص وقت واضح وثابت، يعني أنام الساعة 12 أقوم 8 ما فيه أي تساهل في الموضوع كل هذا عشان أرتاح وقت العمل)
طبعاً في هذا اليوم فعلت أشياء غريبة، حيث تم تكليفي أنا وشخصان بمهمة إرسال رسائل sms إلى الأطباء، وكانت عن طريق شرائح سوى وبطاقات شحن، وللأسف الطريق السهلة لم تفلح معنا، ولهذا أضطررنا للإرسال عن طريق هواتفنا، حيث كنت أرسل من الساعة السابعة مساء يوم الأحد حتى الثانية صباحاً...المهم أننا أرسلنا إلى قرابة 700 شخص فقط، وللأسف هذا أحد الأسباب التي سببت لنا مشكلة أثناء المؤتمر..والسبب هو بدايتنا المتأخرة في إرسال الرسائل.

بعد أن أصبحت الساعة الخامسة استيقظت واتجهت إلى المكتب لحمل الأغراض وبعدها انطلقنا إلى مكان المؤتمر، في مركز الملك فهد الثقافي.
بدأنا بتحضير كل شيء استعداداً لحضور الأطباء، كل شيء الآن على أكمل وجه، حتى بدأ الحضور يتزايد عددهم واحد تلو الآخر، فتحنا لهم الطريق فدخلوا دفعه واحدة، كنا مقسمين الحضور على حسب الحرف الأول، ولكن بدأنا في مشكلة جديدة وهي حضور بعض الأطباء إلينا يخبرنا بعدم وصول إليه رقم عن طريق sms، وهذا كما أخبرتكم سابقاً لم يكن هناك وقت كافي لإرسال رقم للجميع.

بالطبع تتسألون ماذا أقصد بالرقم الذي قمنا بإرساله إلى الأطباء؟ هو رقم يعتبر هوية له، فمثلاً رقم 1هو تركي محمد، ورقم هاتفه كذا وتفاصيل أخرى ، حيث لدينا جهاز في المكتب مرقم من الواحد حتى 1500 رقم كل رقم بجانبة اسم الشخص وبياناته كامله، حتى إذا قمنا بتسليم شهادته في آخر يوم يقوم الطبيب بإعطائنا الرقم الذي استلمه فنقوم بدورنا إعطائه الشهادة بسهولة دون العناء بالبحث.
الفكرة كانت ممتازة، ولكن احتاجت لوقت أكثر لتطبيقها بالإضافة إلى أننا أخطأنا في تطبيها على مؤتمر بهذا العدد، فكان من المفترض عملها على مؤتمرات لا تتجاوز 200 شخص كتجربة أولى.

المهم، بدأت تتزاحم الناس حولنا من أجل أنهم لم يستلموا أرقام، قمنا بحلها لهم وهي عن طريق التسجيل من جديد وتسليمهم تسلسل آخر يختلف عن الأول عن طريق كوبونات كنا قد جهزناها في السابق. حيث أصبحوا يسجلون عند الكاونترات المنتشرة وأخذ معه  باجة يعلقوناها فوق صدورهم بداخلها الكوبون.

قضيت فترة صعبة للغاية وأنا أشرح للمئات كيف يسجلون مرة أخرى ، وأشرح لهم أن هذا الكوبون مهم في استلام الشهادة في اليوم الأخير، كما كنت أشرح لهم سبب عدم حصولهم على رسائل sms، والعرق ينصب مني كالسيل من كل مسام في بشتري، الجهد، والإزعاج، والغضب من بعض الحضور، كلها واجهتها أنا ومن معي بابتسامة مصطنعة.
ولكن الحمد لله أنفرجت الكربة دون عرقلة لهؤلاء المئات المتكدسين أمامنا.
مر هذا اليوم على خير حيث عدت إلى المنزل الساعة الثانية ظهراً لأغط في نوم عميق حتى صلاة المغرب.

اليوم الثاني في المؤتمر كان يوماً عادياً لم يكن فيه أي مشاكل تذكر، بل كان مستمراً بنجاحه والحضور سعيد.

وفي اليوم الثالث موعد استلام الشهادات، كانت الساعة المتفق عليها لتسليم الشهادات هي الساعة الواحدة ظهراً بعد انتهاء المحاضرات، ولكن للأسف الشديد،  العديد من الأطباء كان مستعجلاً لكي يستلم الشهادة.
فأخذت معي مجموعة من شهادات النساء حيث كانت مقمسة من A حتى H لآخذها لقسم النساء، فما إن لاحظت  الطبيبات حملي الشهادات بدأوا باللحاق بي داخل قسم النساء، فكانوا غاضبات منا، فكانت تخاطبني إحداهم بصوتها العالي وأنا أقف محاطاً بين العشرات من النساء مطالبها باستلامها الشهادة لأن أبنها في المدرسة، كنت أوضح لهم أن موعد تسليم الشهادات لم يحن بعد، ولم تصبح جاهزه بعد، فلم يقتنعوا بما قلت، فسألتها عن أول حرف لأسمها والحمد لله أنه لم يكن متواجد معي، فأقنعتها بأن تنتظر، فهممت بالخروج فإذا بإحدى المنظمات تلحقني قائلة بنبرة خوف: تعال تطاقوا جوى ( بمعنى أن النساء دخلوا في معركة شرسة ضروسة بين المنظمات والحضور).
عدت إلى الداخل وجدهم يصرخون يطالبن المنظمات بتسليم الشهادات المتواجدة، أخذت الشهادات معي وعدت بها إلى قسم الرجال لكي أمنع هذا الصراخ والغضب منهم، بالإضافة سأعود بالشهادات إليهم حتى تكتمل الحروف البقية لأنها ما زالت تُطبع.

بعدها بدأنا بتوزيع الشهادات، وللأسف قمنا بتغير الخطة في اللحظة الأخيرة، حيث ألغينا فكرة البحث عن طريق الأرقام المتواجده في رسائل sms واعتمدنا تسليم الشهادات عن طريق الحرف الأول من كل اسم، حيث قمنا بتقسيم الحروف على عدد الكاونترات المتوجدة.
ولكن المفاجأة وهي العدد الضخم الذين يُريدون التعديل على شهاداتهم، فهجم العشرات إلى كاونتر المساعدة من أجل تعديل الشهادات، هنا عرفت أن الاسماء التي قمت بإدخالها قبل المؤتمر معظمها خطأ..ولكن لم أتخيل هذا العدد الذي أمامي.
مر الوقت ببطء شديد، وعذاب أليم من ألسنتهم التي كانت فوق رأسي، عشرات الأوراق التي استلمتها تحتوي على التعديلات، فكنت جالساً بجانب المصمم الذي يقوم بدوره إعادة طباعة الشهادات...
أيضاً من الأخطاء التي قمنا بها هي عدم توفر أجهزة طوابع عديدة، بل كنا نحمل طابعة واحدة فقط لأننا لم نتوقع أي مشاكل.
المضحك في بخصوص الأسماء التي كتبتها مثلاً كتبت خالد، أتفاجأ أنها خلود! وغيرها من الأخطاء الغريبة، ولكن كما ذكرت سابقاً كانت خطوطهم جداً سيئة فصعب علي قراءتها وفك طلاسمها ( طبعاً 99% كاتبين أسمائهم بالحروف الإنجليزية وهذا سبب الأخطاء)
من الأمور الغريبة أيضاً قمنا بتعديل شهادة أحد الأطباء، فكتفينا باسمه الأول وأسم والده، ليعود إلينا مرة أخرى وهو غاضب يسأل عن اسم والده لماذا لم نكتبه! قلت له : اسمك محمد حسن ؟ موجود أسم أبوك ؟
ليجيبني: اسمي مركب، اسم أبوي علي.
كدت أن أجن فردتت عليه بين الزحمة وصراخ البعض: أول مرة أشوف محمد له اسم مركب ؟
فقمنا مرة أخرى بتعديل شهادته وإضافة اسم والده بعد اسمه المركب.
وكان أيضاً من التعديلات الممرضات الفلبينيات، الأسماء مختلفه تماماً..كانوا غاضبين علينا لأننا أخطأنا في كتابة أسمائهم، ولكن الغضب كان عندي كله، فكدت أن أنفجر أمامهم وأقول لهم أن خطوطهم هي السبب. ولكن كظمت غيظي وأكملت عملي وأنا غاضب عليهم جميعاً.. ولكن كنت أخاطب عقلي وأقول: إنها مدة من الزمان ستولي بعيداً.
كانت هذي الخاطرة تدور في عقلي كل لحظة، وأنا أقنع نفسي أنها محطه من حياتي مرهقة ستزول مع مغيب الشمس. فساعدني هذا كثيراً في الاستمرار دون فقدان التركيز أو التوقف عن العمل.

وبعد صراع وقتال انتهينا مع آخر شخص تقريباً الساعة الرابعة عصراً، حيث كان هناك دفعة أخرى سيستلمون شهادات ورش العمل، ولكن الحمد لله لم نواجه مشكلة معهم.
وبعد أن انتهى هذا اليوم العصيب، أحسست بنشوة بعد ألم العقل والمفاصل وجوع أهلكني، حيث أني لم أذق أي طعام من عشاء أمس، وأنا عائداً إلى البيت توقفت لآكل من أسرع مطعم لتقديم الساندوتش وهو ( الشاورما).
وبعدها وصلت إلى المنزل لأستلقي أمام أمي كالقتيل دون أن أخلع أي شي من جسدي وأنا أقول لها: وأخيراً خلصنا الحمد لله.

صور من المعرض


مدخل المؤتمر


من الداخل أول الصباح


طابور الحضور في اليوم الأول


هذي صورة توضح الزحام في اليوم الأول (مشكلة عدم وصول sms للأطباء)


صورة لنائب وزير الصحة الدكتور منصور الحواسي وهو يجوب المعرض


صورة أخرى لنائب وزير الصحة 


صورة لمشكلة الأخطاء في اسماء الشهادات 


 وفي الأخير أحببت أن أعرض لكم ما تم في المعرض بإيجابياته وسلبياته، ولأخبركم أن المؤتمر كان ناجحاً جداً ومبهراً، وكما نقول دائماً لا يوجد في هذه الدنيا مصطلح الكمال، فالكمال لله وحده سبحانه وتعالى.
ومن أخطائنا نتعلم ونرتقي.
كهذا هي الحياة.


إلى هنا وينتهي المعرض.

وآسف جداً على تأخير طرح الموضوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق