الأحد، 29 أبريل 2012

تجربة تنظيم مؤتمر



في هذه التدوينة سأحكي لكم تجربتي الأولى في المشاركة في تنظيم مؤتمر ضخم على مستوى المملكة.


قرابة الأربعة أشهر الماضية كنت جالساً في مكتبي أنجز أعمالي المكلف بها، أذكر حينها وقف المدير التنفيذي خلفي، كان طويل القامة أسمر البشرة، كثيف الشارب، في اللحظة التي تراه فيها ينتابك شعور بالحقبة الزمنية الأوروبية الثمانينية! حيث دائماً يرتدي قميصاً فوقه (علاق بمغاط ! نظام زمان إلي يمسك بالمبنطلون عشان ما يطيح)
المهم طلب مني حضور اجتماع خاص بالجمعية السعودية لطب الأطفال بدلاً عن موظف أخذ إجازة رسمية له.
لم أمانع حينها، فكانت المهمة المكلفة هي فقط تدوين ما يدور في الاجتماع الأول في حين عودة الموظف من السفر حتى يكون على دراية بما يدور داخل كل اجتماع وبعدها يمسك العمل بدلاً مني.
لكن أتفاجأ في أول لقاء لي مع الجمعية تكليفي بمهمة لتنظيم مؤتمر ضخم، كانت الصدمة قوية ومربكة لحظتها، وسبب اختياري لهذه المهمة هو أنه لا يوجد وقت كافي لانتظار زميلي العودة من إجازته السنوية، ولهذا وقع الاختيار علي سريعاً.

 فالمبلغ المقترح لجمعه كان ضخماً، وعدد الحضور المتوقع لا يقل عن ألف شخص بالأخص ألف طبيب.
أبرز نقطتان لنجاح المؤتمر هو توفير المبلغ الازم، والثاني هو عدد الحضور، بالإضافة إلا أمور أخرى، لكن مدير المؤتمر وهو أيضاً عضو في الجمعية ركز على النقطتان الأولى الحضور والمال، حيث وكل شخص لبناني الجنسية بتوفير المال وتغطية النفقات التي تقدر بمليون ريال تقريباً، بالنسبة للنقطة الثانية وكلني بجمع أكبر قدر ممكن من الحضور.

كانت المهمة صعبة، حيث المطلوب مني توزيع بوستر المؤتمر على مرحلتان لكافة مناطق المملكة في المستشفيات الحكومية والخاصة والمراكز الصحية والمستوصفات ونخص منها أقسام الأطفال فقط، لأن الجمهور المستهدف أطباء الأطفال.

نموذج للبوستر الذي تم توزيعه


طبعاً بداية الأمر لم يكن بالساهل وضع خطة توزيع سريعة وسهلة، فالكوادر البشرية ضعيفة لدي، مما صعّب المهمه، في كل مرة يسأل عني مدير المؤتمر بشأن توزيع المرحلة الأولى للبوسترات كنت أرمي عليه العشرات من الأعذار وتقديم الوعود الواهية. وهذا والله ليس بتقصير مني ولكن الظروف كانت أقوى مني، أهما هي المرة الأولى لي بهذا العمل فلا أدري أين خيوط نجاحه والثاني الكوادر البشرية شبه معدومة.
أحس مدير المؤتمر بأنني لن أنجح في مهمتي المكلف بها، وهذا للأسف لا أرغب به أبداً، فلا أريد أن أسود وجهي ووجه الشركة. فكان دائماً يذكرني بجملته التي لطالما أرعبتني في منامي: من دون حضور أطباء، المؤتمر راح يفشل.

تنبيه:- أنا أعمل في شركة خاصة اسمها الدار المحلية ، مهمتها تنظيم مؤتمر لهذه الجمعية. 

طبعاً علم مديري في الشركة بتأخري بتوزيع البوسترات بمقدار ثلاثة أسابيع عن الموعد المحدد.
ثار غضبة، فطلب مني أن أباشر التوزيع بأي شكلٍ كان، ولكن المصيبة التي كنت أحاجه بها: ( ياخي ما فيه فريق كبير للتوزيع!)
ولكن الحمدلله تسهلت الأمور بأن قام أحد الموظفين وهو يدرس في معهد اللغه الإنجليزية بالاستعانه بطالب شباب عاطل بتوزيع البوسترات.
حيث قدمنا له مكافأة على كل يوم يعمل به، في كل يوم يقوم بتوزيع البوستر بمعدل عشرين مستشفى على مدار اسبوع.
بالنسبة للمناطق الأخرى كالمنطقة الغربية، قام أحد الأشخاص في الفرع الثاني للشركة بتوكيل أحد الأشخاص بتوزيع البوسترات في جدة ومكة والطائف، وهكذا....
وبعد مدة استطعت على حصول قاعدة بيانات ضخمة للمستشفيات، ثم أخذت أرقام وأسماء أعضاء داخل الجمعية في فروعها الموزعة على المملكة وإرسال إليهم عبر البريد (فيدكس) بوسترات ليقوموا هناك بدورهم توزيع البوسترات. لم أكتفي بذلك، بل قمت بإعطاء الشركات الدوائية العالمية كنوفارتس والدوائية بتوزيع البوسترات بطريقتهم الخاصة ، بالإضافة إلى أخذ إيميلات معظم أسماء الأطباء المسجلين من قبل الجمعية من سكرتير الجمعية وكان عددهم 756 طبيب كنت أرسل إليهم في كل أسبوعين عبر البريد نموذج من البوستر، وغيرها من الطرق التي استغليتها في توزيع البوستر.

المرحلة الأولى للتوزيع أخذت مني اسبوعين تقريباً ( غير الثلاثة أسابيع إلي ضيعتها ) ، فسلمت تقريراً لمدير المؤتمر وكانت علامة عدم الرضا غير كافية.

مرت الأيام وأنا أعمل بشئون أخرى، حيث تم توكيلي في إحدى الاجتماعات الخاصة للمؤتمر بتوفير الخيام ، وتوفير طعام الإفطار والغداء.
بدأت بمهمتي في تسعير الخيام بالمواصفات الدقيقة كالمساحة وعدد الحضور وطريقة عزل النساء عن الرجال وغيرها من المواصفات، وبعدها بدأت البحث بين المطاعم التي تستطيع تجهيز الطعام لألف شخص ( مع إني ما كنت واثق إن أحد بيجي، لأني للأسف ما وثقت بنفسي بسبب تحطيم مدير المؤتمر) توجهت لمطعم سعد الدين، وبرج الحمام والنافورة والصخرة، أخذت منهم قائمة الأسعار، فكانوا يتسابقون من أجل المشاركة في هذا المؤتمر الذي هو بمثابة كنز بالنسبة لهم.
ولكن للأسف أتفاجأ في إحدى الاجتماعات سحب البساط مني وتوكيل شخص آخر بالمهمه، فقدمت له عروض الأسعار ليكمل هو فوقها..( طيب ليش الاستهبال معي وتضييع وقتي في هالزحمة المفروض من أول حددوا هذي النقطة مهمة مين؟)

وضحت لهم أن ما فعلته بأمر منهم، لكن وجدت منهم التجاهل للأسف.

واصلت عملي في التوجه إلى الشركات ومخاطبتهم والاتصال عليهم ومتابعتهم بتوصيات من أحد الزملاء، كنت برفقة فريق مبسط يُدير عملاً ضخماً، كنا نعمل طوال نهار العمل، وتأتي أيام تقل ضغوط العمل، إلى حين نجتمع مرة أخرى مع الجمعية نبسط لهم ما قبمنا به.
هكاذا كانت أيامنا وليالينا، ما بين اتصالات ورسائل وتخطيط وطباعة وتصميم وتجهيز وووو. 

اقترب موعد المرحلة الثانية لتوزيع البوسترات التي طبع عليها هذه المرة الرعاة، طبعاً كانت عينا مدير المؤتمر قلقة اتجاهي قائلاً: يا تركي ما نبي تسوي فينا زي أول، ما تبدأ إلا متأخر..!
فأجبته بثقه هذه المرة: لا تشيل هم، قاعدة البيانات الآن عندي والخطة جاهزة وطريقة التوزيع معروفة راح أبدأ على طول إن شاء الله.

وفعلاً بدأت هذه المرة من دون عراقيل، ( تعرفون المرة الأولى كانت تجربة جديدة لي والواحد لا زم يتعلم من أخطائه)

أنهيت التوزيع خلال اسبوعين فقط من دون تأجيل كما جرى في المرة الأولى..وبعدها عدت مرة أخرى أساعد زملائي في تجهيز للمؤتمر، حيث بقي على بداية المؤتمر اسبوعين فقط، فكانت مهمتي استلام موقع الجمعية وحصر المسجلين إلكترونياً، فكنت في كل صباح أستخرج بيانات المسجلين حديثاً وأضيفهم في برنامج الإكسل وبعدها أقوم بطباعته.
كان بمعدل 15 شخص يسجل يومياً عبر الإنترنت، وبعض المرات يتخطى 30 مسجلاً..
كلما زاد العدد زادت ابتسامتي، وهذا يدل على أن الاشخاص اطلعوا على إعلانات المؤتمر.
حتى لا أكون ظالماً لم أكن لوحدي في الحقيقة بنشر موعد المؤتمر، فكان أحد المنظمين يطلب من كل شركة راعية للمؤتمر أن تحضر معها ما لا يقل عن 50 شخصاً، طبعاً بعض الشركات الكبيرة قامت بتسجيل 70 شخصاً والبعض 10 أشخاص تختلف بختلاف حجم الشركة.

المهم اقترب موعد المؤتمر، والارتباك بدأ يتضح على جميع العاملين، وأعداد المسجلين تتزايد يوماً عن يوم...
حتى أصبح يوم المؤتمر يبعد عنا أربعة أيام، حيث تم إقفال التسجيل عن طريق الانترنت من أجل حصر أعداد المسجلين ما قبل المؤتمر..
حيث وصل عدد المسجلين قبل المؤتمر بأربعة أيام ........

في الحلقة القادمة....

هل سيتخطى تركي العدد الذي طلب منه في أول اجتماع؟
ماذا فعل تركي قبل المؤتمر بيومان حتى أصبحت عيناه متضخمه!
هل كان اليوم الأول في المؤتمر مرضي للجنة المنظمة؟
تابعونا في الحلقة القادمة من مسلسل ( تجربة تنظيم مؤتمر)

هناك تعليق واحد:

  1. أخي تركي قرأت قصتك المشوقة
    كم أحب هذا النوع من العمل الذي أشعر فيه بجهد واجتهاد
    أرغب بمساعدتك لي في تزويدي بأرقام للتواصل مع الرعاة حيث أقوم بتنظيم فعاليات للأطفال ولازلت ابحث عن رعاة أرجو مساعدتي في ذلك.
    شكرا جزيلا

    ردحذف